بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أخي السائل:
أهلا وسهلا بكم وأشكركم على زيارتكم موقعنا وثقتكم بنا.
لا يستطيع أحد أن يقطع بيقين أن الله راضٍ عنه لأن هذا سبيله الوحي، وقد انقطع الوحي بموت النبي صلى الله عليه وسلم، ورضا الله تعالى عن العباد يكون برؤيتهم مؤتمرين بأمره ومنتهين عما نهاهم عنه، قال تعالى:(لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ) [سورة الفتح:18]، وأما رضا العباد عن الله فيكون بقبولهم بقضائه وقدره وتسليمهم لأمره دون جزعٍ أو سخطٍ، فالرضا قد يكون من الله تعالى عن العباد أو رضا من العباد عن ربهم سبحانه وتعالى، ودليل ذلك قوله تعالى:( رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [المائدة:119].
ولكن هناك علامات تشير إلى حب الله لعبده ورضاه عنه، ومن أبرز علامات رضا الله عن العبد:
الإعانة على الطاعات، فمن علامات رضا الله تعالى عن العبد أن يوفقه إلى فعل الطاعات وأداء القربات وييسِّر له أسبابها.
الصبر عند المصائب والشدائد، فيصبِّر الله تعالى من رضي عنه من عباده ويلهمه الصبر وينزل عليه الرضا عند المصائب، وما قد يحل به من الكروب، فلا يجزع ولا يضجر بل يصبر في كل حال، قال تعالى (وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُون) [البقرة:177].
الاطمئنان بالله تعالى، فيجعل الله عباده الذين رضي عنهم مطمئنين به، فيثقون بوعده بالعون والنصر والتمكين، مطمئنون ومتوكلون عليه وواثقون بما عنده سبحانه.
يحبب الله تعالى إلى من رضي عنهم من عباده الخلوة به سبحانه، وتخصيص الوقت لمناجاته، والتقرب إليه بالذكر والدعاء وقراءة القرآن الكريم.
يحبب الله تعالى إلى من رضي عنهم من عباده مجالسة الصالحين ومخالطتهم.
الإعانة على العلم يعين الله تعالى من رضي عنهم من عباده على العلم، ويحبب إليهم طلبه، ويسهل عليهم طرقه وسبله.
التوفيق إلى التوبة، فيوفقهم إلى التوبة والمسارعة إليها حال الذنب وعدم البقاء عليه، لأن الله تعالى يحب التوابين، قال تعالى:(إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) [البقرة:222].
حفظ الله تعالى لمن رضي عنه من عباده جوارحهم كلها،
كما جاء في الحديث القدسي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ ) [أخرجه البخاري].
رضا الناس عمن رضي الله تعالى عنه ومحبتهم له، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ إِنِّي قَدْ أَحْبَبْتُ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ قَالَ فَيُنَادِي فِي السَّمَاءِ ثُمَّ تَنْزِلُ لَهُ الْمَحَبَّةُ فِي أَهْلِ الْأَرْضِ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا"، وَإِذَا أَبْغَضَ اللَّهُ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ إِنِّي أَبْغَضْتُ فُلَانًا فَيُنَادِي فِي السَّمَاءِ ثُمَّ تَنْزِلُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي الْأَرْضِ) [أخرجه الترمذي].
والله تعالى أعلم.