هل هناك فرق بين الشخص المحسود والمصاب بالعين؟ وما هو علاج الحسد؟
الجواب
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الحسد هو تمني زوال النعمة عن إنسان، وانتقالها إلى الحاسد، ويعتبره علماء الاجتماع من أعراض الاضطرابات الاجتماعية.
جاء في الموسوعة الفقهية: (المراد بالعين هنا الإصابة بالعين، التي يسمّى صاحبها عَائِنَاً، يقال تَعَيَّن الرَّجل المال إذا أصابه بعينٍ، وعِنْتُ الرَّجل أصبتُهُ بعيني، فأنا عَائِنٌ وهو مَعِيْنٌ ومَعْيُونٌ.
والحاسدُ والعَائِنُ يشتركان في أنَّ كلَّاً منهما تتكيَّف نفسه وتتوجَّه نحو من تريد أذاه، إلَّا أنَّ العَائِنَ تتكيَّف نفسه عند مقابلة العَيْنِ والْمُعَايَنِة، والحاسدُ يحصل حَسدُهُ في الغيبة والحضور، وأيضاً العَائِنُ قد تُزَالُ ما لا يحسده من حيوانٍ وزرعٍ، وإنْ كان لا ينفكُّ من حَسَدِ مالكه.
قال ابن القيّم: الحَسَدَ أصل الإصابة بالعين.
وقد يَعِيْنُ الرَّجل نفسه، وقد يَعِيْنُ بغير إرادته بل بطبعه، وهذا أَرْدَأ ما يكون من النَّوع الإنسانيّ).
فالعين طريقٌ من طرقِ الحسد، وهي حقٌّ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الْعَيْنُ حَقٌّ، وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ» [رواه مسلم].
وقد ذمَّ الله تعالى الحاسد بقوله: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء:54].
وقد علَّمنا الله تعالى أن نتعوذ من الحاسدين فقال سبحانه: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)} [الفلق:1-5].
وعن أسماء بِنت عُميسٍ رضي الله عنها قالت: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ وَلَدَ جَعْفَرٍ تُسْرِعُ إِلَيْهِمُ العَيْنُ، أَفَأَسْتَرْقِي لَهُمْ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ القَدَرَ لَسَبَقَتْهُ العَيْنُ» [رواه الترمذي].
ومن الرقية الشَّرعية أيضاً ما روت أمُّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْقِى بِهَذِهِ الرُّقْيَةِ:«أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ، بِيَدِكَ الشِّفَاءُ لاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ أَنْتَ» [رواه البخاري ومسلم].
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كَانَ النَّبِيُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَيَقُولُ: «إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ، أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لاَمَّةٍ» [رواه البخاري].
ومن ذلك أيضاً: «أَنَّ النَّبِيَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا، فَقَرَأَ فِيهِمَا: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ » [رواه البخاري وأبو داود والترمذي].
ولا يمنع ذلك الإنسان من أن يتخير بين أصحابه وأقاربه ومَن حوله، ثمَّ لا يُظهر مزيداً نعمةٍ أكرمه الله بها أمام من عُرِفت منه ضغينةٌ أو سوء نية، تحوطاً من حَسَدٍ قد يلحق به.
والله تعالى أعلم.